لكل وطن رجاله الذين صنعوا تاريخه و ملكوا القلوب و العقول بأعمالهم العظيمة و روائعهم التي تعجز الكلمات عن وصفها،فمن هؤلاء العظماء في بلادنا العلامة الأديب الشاعر قاضي القضاة حسين صلاح الدين _رحمه الله _ الذي ملأ الدنيا و شغل الناس بمؤلفاته الكثيرة في مختلف الموضوعات الدينية و العلمية و الأدبية.
و إذا أردت أن تقرأ سيرة نبي الرحمة بلغة تريح قلبك و تملك عواطفك و تثمر عقلك لن تجد إلا موسوعته في السيرة النبوية الشريفة، و إذا دفعك فضولك إلى الاطلاع على أجمل ما أنتجته القريحة الشعرية المالديفية لن تجد أفضل من شعره الوجداني الأخلاقي الذي يعلمك الخلق و الأدب و اللغة.
و هذا بالإضافة إلى كتبه في قواعد اللغة المالديفية و الرواية المالديفية.
كان أبي _رحمه الله_ يأمرني بالجلوس أمامه عندما أرجع من المدرسة و يكلفني بقراءة بعض الكتب على مسمعه و مسامع الجالسين ممن حوله الذين يرتادون إلى بيتنا للاستماع إلى ما أقرأه لأبي من كتب و روايات و حتى أساطير مثل سيرة الملك سيف بن ذي يزن و سيرة الأمير حمزة البهلوان و قصة رستم و سهراب..الخ
و أتذكر انني كنت قرأت له السيرة النبوية للشيخ حسين صلاح الدين مرات عديدة حتى حفظت أحداثها عن ظهر قلب، و قد أفادني هذا كثيرا في اختبار مادة السيرة النبوية عندما كنت طالبا بالثانوية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
و كل الذين سطروا صفحات في السيرة النبوية من بعد الشيخ استفادوا و استمدوا من موسوعته سواء أشاروا إلى ذلك أو لم يكلفوا أنفسهم بذلك،
و من الكتب التي قرأتها لأبي عدة مرات من مؤلفات فضيلة الشيخ: سيرة محمد تكوروفانو العظيم (منقذ المالديف من براثن الاحتلال البرتغالي الغاشم)، و قصة النبي يوسف عليه السلام، و رواية نعمان و مريم و رواية دون بيفانو..
و نصحني أبي أن أقرأ رواية دون بيفان(dhonbeefaanu) كثيرا لما أصبحت شابا لأنها تعلم الحب و الأخلاق و الأدب و اللغة معا.
دعوني أحكي لكم عادة اعتدتها عند إعدادي للمحاضرات التي ألقيها أمام جمهور كبير أو أذيعها عبر التليفزيون أو الإذاعة، و هي انني قبل الذهاب لإلقاء الكلمة أو المحاضرة استمع إلى السيرة النبوية للشيخ حسين صلاح الدين المسجلة ساعة او نصف ساعة حسب الظروف المتاحة، و ذلك لتحسين لغتي و تعويد لساني على فصاحة التعبير و لاختيار كلمات رنانة مثيرة تقرع الآذان. و قد لا حظت تدنيا في أدائي يوم لا أجد وقتا كافيا لهذه الممارسة الفنية الشيقة..
جزى الله فضيلة الشيخ حسين صلاح الدين على ما قدم لأبناء وطنه و غفر له.