إن الإسلام بروحه السمحة وتعاليمه القويمة لم يكن في يوم من الأيام يدعو أحدا إلى اعتناقه بالجبر والقهر وإنما كان وسيظل دينا يدخله الناس أفواجا مبهورة بحكمه وشرائعه وسماحته وروحانيته.. كما كان الشأن بالنسبة لأهل المالديف المسلمين.. وقصة إسلام سكان المالديف ليست غريبة ولا فيها ما يثير وإنما أكثر ما فيها عظمة الدعوة الإسلامية، لقد دخل الشيخ الحافظ أبو البركات يوسف البربري وهو من بلاد المغرب إلى المالديف في منتصف القرن السادس الهجري مع بعض التجار العرب الذين كانوا في ذلك الوقت يقومون برحلات تجارية منظمة بين الجزيرة العربية من جهة وبين موانئ الهند وسيلان والمالديف من جهة أخرى ووجد أهلها على الديانة البوذية فطلب مقابلة السلطان ودعاه إلى الإسلام إلا أن السلطان أبى في أول الأمر على الرغم من ضيافته لحامل الدعوة وتقريبه إليه، وما زال الشيخ الحافظ أبو البركات يجادل السلطان بالحكمة والموعظة الحسنة إلى أن اقتنع فأسلم وأمر شعبه باعتناق الدين الجديد، وكان هذا الحدث الذي قوى من شوكة المسلمين في اليوم الثاني من شهر ربيع الثاني في سنة 548 هـ (1153م) وما تزال هذه المعلومات المكتوبة في اللوحة الموجودة بالمسجد الذي أمر ببنائه السلطان بعد إسلامه، وهي مكتوبة باللغة العربية والكتابة التي عليها ما زالت واضحة كل الوضوح وقد كان هذا السلطان يدعى “درمس كالامنجا” قبل الإسلام فاستبدل اسمه بعد إسلامه إلى “درمس محمد بن عبد الله” وقد حكم المالديف 25 سنة، 12 منها قبل إسلامه، و13 سنة بعده، كما أن المسجد الذي بناه وهو الأول من نوعه في تلك الديار ما يزال شاهقا إلى وقتنا الحاضر، شامخا يحكي قوة الإسلام وبطولاته وإمامه ضريح الشيخ أبو البركات الذي لازم السلطان يعلمه القرآن إلى أن توفي رحمه الله.
والجدير بالذكر أن شعب المالديف شعب مسلم لا تشوب إسلامه شائبة متمسك بدينه الحنيف لا يرضى عنه بديلا يحفظ القرآن، ويقيم الصلوات الخمس ويتبع الشريعة الإسلامية، وقد انعكس هذا بوضوح في دستوره الذي لا يسمح بصريح العبارة لغير المسلمين بالإقامة الدائمة في المالديف، كما أن الإفطار في شهر رمضان بلا عذر شرعي يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون واستيراد المشروبات الروحية أو صناعتها ممنوع منعا باتا.. ومع أن صيد السمك هو مصدر رزق السكان فإن الخروج للصيد صباح الجمعة ممنوع خوفا من فوات صلاة الجمعة.